الفقرة
الثالثة :كاتب فرنسى
بقلم|اقبال
محمد
الحلقة الثانية
الأزواج قصة قصيرة
ل: تيودور دو بانفيل
التعريف بالكاتب :
اسمه الكامل اتيان
جون بابتيست كلود تيودور فولان دوبانفيل .
من مواليد الرابع
عشر من مارس سنة 1823 في مولان بفرنسا
متوفي في الثالث
عشر من مارس سنة 1981بباريس
قاص وناقد وكاتب
مسرحي ،صحفي وشاعر فرنسي ،يعد ا أحد زعماء المدرسة البرناسية ،وتعد قصائده وكتاباته
نموذجا بارعا ومتفردا لمذهب الفن للفن
صديق حميم لفكتور
هوجو صاحب رائعة البؤساء ،لبودلير ولتيوفيل غوتييه يكنى بشاعر السعادة جمع في قصائده
بين الرومنسية والبرناسية التي تهتم بجمالية الشعر والتي تناقض المذهب الواقعي والمغالاة
التي لجأت اليها الرومنسية منادية باضفاء جمال الشكل على الابداع الفني
خلف دوبانفيل الكثير
من القصائد بالاضافة الى المؤلفات المسرحية اهمها غرنغوار وكان له موعد مع القصة في
الخادمات والأزواج التي انتقد فيها المجتمع المخملي الباريسي بكل مايحمله من مظاهر
زخرفة كاذبة وخادعة
الزواج خطيئة لا
تغتفر
صديقتان حميمتان
الكونتيسة "لويز دولاتيل " والسيدة "ماري دو شارفيكس " تزوجتا
في نفس اليوم والساعة ،في كنيسة سانت توماس داكين
ودعت كلتاهما حياة
العزوبية ،مضتا تشقان دروب باريس ،،بعد ان تواعدتا على مراسلة بعضهما البعض ،غير انه
وبعد مرور سنوات لم تتبادلا ولا رسالة واحدة
في صبيحة أحد الايام
التقت السيدة "دولاتيل " بصديقتها الحميمة في حديقة مونسو حيث قدمت لتمضية
بضعة أيام ..لم تقبل منها أي عذر وأصرت على مرافقتها الى البيت .. هناك اجلستها على
صوفة زرقاء ناعمة وبدأتا في التحدث ..وبعد مدة من الزمن اطلقت الكونتيسة دولاتيل العنان
للمرارة التي تكتسح قلبها ..
- آه ياعزيزتي ماري
تنهدت الكونتيسة ياللظلام ويالسخرية القدر ياله من مزاح ثقيل هو الزواج ،لو كنت اعلمه
قبلا ،لوددت ان اكون راهبة في كتيسة ،ولكن ماذا عساي أقول ...هذه انا مرافقة لعينة
في عبودية مؤلمة تمضي أيامها مع معلمة للبيانو بلا موهبة ،وأحيانا مع ممثلة فاشلة أو
شاعرة ترتدي المخمل دون حياء ...
مااعتقده ان كل
الأزواج ودون استثناء كلهم من نفس العجينة ...
-لا عزيزتي ليس
كلهم ...قاطعتها السيدة دوشارفيكس
-طبعا أتفهمك ،،استطردت
الكونتيسة ،،الألم جعلني ظالمة ..بالفعل يجب ان تكوني أكثر بؤسا مني فبالنسبة لك الامر
واضح ومكتمل الصورة ...لقد تزوجت رجلا بسيطا ،،،عملاقا ،،ظاهرة ،،يمكنه ان يكسر حوافر
الفرس بأصابعه مثل المارشال دوساكس والذي لم ينتصر في معركة واحدة جندي جعلك تعيشين
في مواجهة دائمة بركان خامد في ثكنته حيث السيدات يرتدين قمصانا من القش فقط ليوفر
مدخراته
-اوه بالطبع ،اجابتها
السيدة دوشارفيكس ،فزوجي قوي جدا ويكسر كل شيء يريد كسره ولكنني لست نادمة ابدا
-آه ...صغيرتي ،،قالت
الكونتيسة ارى بأن الآلهة وعزلتك بالقرية قد وضعت رجلها على صدرك ،،،أنا على الأقل
كنت ولا زلت سيدة باريسية راقية ألمع كجوهرة ،،،جميلة والكل يرغب بي .. بالطبع فأنا
جذابة ورائعة ...ولكن كما يقول "روي لابلاس " حين تتأملين بداخلي فاختياري
ليس مبررا بالمرة
صحيح أن السيد
دولاتيل كونت وعند ارتباطي به كانت ثروته مضربا للمثل هذا غير عينيه اللامعتين وشفاهه
البنفسجية ،لحيته الخفيفة وبانفه الاغريقي الجميل يبدو شبيها ب"دون جوان
" في ثيابه واناقته يحسده كل الرجال والنساء أيضا
انه في الواقع
" دون جوان " تجن به كل النساء
مالا يعد ولا يحصى
منهن في حين أنه لا يتقن أيا من الفنون بعينه ..هؤلاء الشعراء والفنانون عندما يحدثهم
يقولون أنه رياضي وفارس ،رجل سيف ومحب للفن يتملقونه وكأنه سيد الكون ،،في النهاية
،هو يجيد الحديث الى النساء حين يقفن أمامه لا يتجرأن على النطق بالتفاهات وحينما يصير
الامر إلي ،،،كلهن...الشابات والعجائز الصديقات والمنافسات الحالمات وخدودهن محمرة
يرمينني بنظرات توحي الي ان تلك المرأة ...أي أنا سعيدة جدا
- ولكن... قاطعتها
السيدة "دوشارفيكس" يبدو لي انهن على صواب .
آه....زفرت الكونتيسة
في حسرة ،فاكهة أصبحت رمادا ،وسبائك من الذهب أضحت اوراقا جافة ..شبه ميتة ...هذا ماجنته
يداي سراب وظل و...وهم انا ميتة أشبه بالجثة .. والسبب مشعوذ ،دجال وشبح .. هذا الذي
تزوجته ،مالذي أملكه ياعزيزتي ؟؟؟؟ السيد دولاتيل كونت ولكن ليس كل مايلمع ذهبا ،،،ليست
حقيقته فأحد اجداده اكتسب اللقب من" هنري السادس "لأنه كان وسيطا في قصة
حب مشبوهة ليس مهما ذكرها ..ثري ولكن مثل لاعب جلس على طاولة للقمار كل ثرائه الحقيقي
والمزعوم ربحه في صفقات مشبوهة..
وفي كل الاماكن
،،،الصالونات والاوبرا " غاي دولاتيل "يبدو الها شابا وجماله يحاكي جمال
مراهق ولكن لاول وهلة ننفرد سويا اراه بائسا عجوزا مرهقا...مريض بالألم والملل على
وشك الانهيار،،ليس بحاجة لقبلات امرأة انما لعناية والدة ،،رجلا مفعما بالانانية ونكران
الجميل ...
في النهايةذلك
العقل المنفتح لا يعي شيئا ولا يقرا شيئا ..هو في المجتمع الباريسي السيد المنفتح والمتحدث
اللبق
ولكنه حين يكون
وحيدا هو مفرغ من كل فكر،جاهل مثل سمكة كارب ،ملل ومثير للملل شيطان برأس فارغ كحبة
قرع مواهبه كرياضي وفنان وفارس تثير الحمق انه ليس سوى راس محشو يردد لعبته في مشهد
متكرر
ليس لدي اولاد
ولن يكون تفهمين لماذا صباحا ،مساء اسأل نفسي ماذا فعلت على وجه هذه الارض ليكون هذا
قدري
-ولكن .. قالت السيدة
دو شارفيكس ...زوجك وحش .
-أجل بالطبع ،،،اجابت
لويز دولاتيل ،،تماما كزوجك وكجميع الأزواج ،خطؤه الذي لا يغتفر انه غير متواجد بحياتي
،ولكن هذا المريض بالوهم وانعكاس الضوء الخافت ،،هذا الطيف الضخم تعتقدين انني امتلكه
وحدي وانني انتمي اليه
آه ماري...هو ليس
لي مطلقا هو مثل الزقاق الذي تعبره جميع المارة ملطخة اياه بأرجلهم مثل رجل مسرح يجيد
لعب الادوار انه لا يستطيع الخروج ابدا من دوره كعاشق ،ولا يتوقف عن اي فعل وقول للكلمات
التي تثير النساء الحمقاوات ،، والكثيرات منهن ما ان يفتح فمه حتى تتعلق به اعينهن
مثل سمكة كارب وربما تهيأ لهن انه بامكانهن الوقوع بين ذراعيه... آه لو بامكانهن رؤيته
كما اراه حزينا مملا . ..بائسا ،،فارغا
وحدها الايام الجميلة
التي نتشاجر فيها سويا حيث يجد القدرة على مشاجرتي والتي نتصالح بعدها
يجب علي قول الحقيقة
حين يتعلق الامر بالكلام عن الحب غاي شفاف ولطيف مثل امرأة ماهر ومحترف ولكن هذه العادة
اصبحت نادرة الآن ويسهل عد مراتها
-آه عزيزتي لويز
،،قاطعتها صديقتها وقد انقلب لون وجنتيها الى الاحمر من فرط السعادة ,,سامحيني لانني
تسببت لك في كل هذا الألم ولكن من حديثك وقصتك ادركت كم انا سعيدة ...ولكن بقي لك شيء
تاملينه وهو المصالحة بعد كل شجار تاملينها على الرغم من بعدها ولكن عليك ان تعي سعادتي
انا وزوجي فنحن لا نتشاجر مطلقا ولا لاي سبب كان
-دون استثناء ولا
لأي سبب ،،سالتها السيدة دولاتيل متلهفة
-دون استثناء
..قالت السيدة دوشارفيكس على العكس نحن متناغمان سويا كقافية في بيت شعرهذا هو زوجي
مازحتها الكونتيسة
في سخرية ألا تعيرينه ؟؟؟
-ولا لاي سبب ولا
بأي ثمن هوأيضا لا يمكن ان يكون الا لي ،،ليس لديه عينان الا نحوي ،،ويرى الاخريات
بلا اهمية وكانهن رسمن على حائط صحيح اننا قرويان ولكن الريف يحمل كل الأشياء الجميلة
مثل نوادر موليير ولغة ايزوب يمكنك رؤية اشخاص نبلاء وآخرين مثل الجرذان ،،،،،اقارب
ياملون بالميراث وآخرون يتشاجرون على القروش كالكلاب التي تتداعى على عظم ولكن وسط
كل هذا يمكن ان تلتقي برجل جيد مثل زوجي
جون دوشارفيكس
تقولين انه لم يكسب اي معركة مثل الماريشال دوساكس ولكنه جال كل افريقيا تضحكين في
سخرية من حوافر الخيل التي يكسرها باصابعه ولكنه في القصر الذي نسكنه قرب شاموليير
على بعد كيلومترين من كليرمونت نعيش كمغرمين متعتنا ان نذهب هناك سويا ولوحدنا ليلا
ونهارا نساعد المرضى والبؤساء وحين نتمشى في الطريق الذي شق تحت الشاطى الصخري لا يزعجني
ان جون يبدو عملاقا قويا كماهو ،،فكثيرا ما نقابل الذئاب واللصوص هناك ،،،مع زوجي احس
بالامان اكثر من فريق للشرطة مخصص للحماية
في النهاية لدي
اربع صبيان اشداء سمر اقوياء مثل الاتراك يجيدون السباحة والفروسية يحتاجون للرعاية
والعناية والتقبيل تدركين اني لا أمل ابدا مع كل هذا ،،،لأنه مع اربعة اولاد هناك الكثير
لفعله وآمل ان يكون هناك المزيد منهم فامكانياتنا تسمح بذلك مع خمسمائة الف فرنك من
عاىدات أراضي آل شارفيكس وخشبهم هم لا يثقون بالصناعة ويخشونها مثل قط يخاف الماء البارد
اننا اغنياء في
يسر واحرار طلقاء كطيور
انا لا اقدم لسيدات
في الخامسة ولايمكن لاحداهن ان تاتي لتحكي النرهات في منزلي ولكننا من حين لآخر نفتح
ابواب منزلنا للجيران في المدينة والقرية ....صحيح لا ناكل مثلما نفعل في باريس
ولكن يفينا القليل
من سمك الكارب العملاقة وبعض اللحم من "فانسن " الذي يشبه القلاع مع عجل
البحر وفخذ الخروف بالاضافة الى الحجل والدجاج المحمر على الموقد...وخضر وفواكه الحديقة
،،،وفراخ من المزرعة ومربى مصنوع من الفاكهة وبعض السكر مصنوع من أجلي والكل مسقى بنبيذ
فرنسي فاخر تمتلئ به مخازننا
نحن سعداء عزيزتي
ولكن في اغلب الاوقات التي نكون لوحدنا ستسالين ان كان محاربي يملك من روح العقل شيئا
بل اكثر ،،انه من علمني ،،فانا الآن أكثر معرفة ،،يمكنني ان اعترف بذلك فكل الكلمات
التي أحفظها من دورة ميرليتون او من تورتوني اصبحت من الشعر القديم ،، ،جون هو ابن
أخ قس كليرمونت ,،،،وقد كان امينا لسره ،،عملاقا ضليعا في العلوم واللغات القديمة والحديثة
في الموسيقى والشعر ،،التاريخ والديانات وكل الفنون
في المساء لا نمل
أبدا ونحن نلعب معا" كناب اوو فاغنر "دون ان يزعجنا احد ،،،وبما أننا نستقبل
كل الجرائد ،المجلات والكتب نقرا سويا قصص " ديباربوليان والامبرواز رايمانا
"والالياذة كما نقرأ لفكتور هوجو ،تيوفيل غوتييه وبودلير الا ان ننام
وفيما كانت السيدة
دوشارفيكس تتكلم دون توقف،، كانت صديقتها الكونتيسة دولاتيل تصغي بفم مفتوح مثل طفل
صغير يستمع لقصة" جلد الحمار "،،،،،،،،،،
فجاة نظرت تلك
الريفية الى ساعتها وتذكرت موعد عودة زوجها الذي ربما ينتظرها ،،،خرجت على عجل وعانقت
صديقتها مودعة ،،بينما الكونتيسةلويز ساكنة بلا حراك نشوانة وكان هناك من سقاها كأسا
من النبيذ واخيرا خرجت من أحلامها وتاملت في حزن وردة حمراء تتفتح في فازة من كريستال
البندقية
*تمت *
ترجمة :بدرة فاطمي