نبذة عن المجلة

جريدة أدبية الكترونية تقوم على مجهودات ذاتية هدفنا رفع مستوى الفكر وزيادة الوعى وتقديم فن راقى وإظهار دور الأدب فى بناء المجتمعات ،ومساعدة المواهب المهمشة فى إظهار مواهبهم ومساعدتهم على تنمية مواهبهم وتقديم الدعم المادى والمعنوى

المادى : هو توفير إمكانيات للنشر

المعنوى: توفير كتاب وورش عمل للتشجيع والتعليم.

مدة النشر : كل أسبوع


المقال الثالث
اعداد : سامح الفيومى

"حسن الظن بالله "

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فإن حسن الظن بالله عمل قلبي عظيم المنزله والأثر في الدين وله عاقبة حسنه والعبد مفتقر اليه في سيره لربه ومكابدته لامور معاشه وتعامله مع صفوف الخلق
قال تعالى " واحسنوا ان الله يحب المحسنين " قال سفيان الثوري " أي احسنوا بالله تعالى الظن "
وقال الرسول صل الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه " انا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله وان ظن شرا فله " رواه احمد
وكان سعيد بن جبير يقول " اللهم إني اسالك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك " وحسن الظن بالله حقيقته ان يظن العبد بالله خيرا ورحمه واحسانا في معاملته ومكافئته ومجازاته احسن الجزاء في الدنيا والاخره وهذا يتحقق في مقامات هي :
1. اذا دعا ربه ان يقبل ربه دعائه كما جاء في الحديث النبوي " ادعوا ربكم وانتم موقنون الاحابه " رواه الترمذي
2. اذا تقرب الى الله بعمل صالح ان يتقبل الله عمله ويرفعه قال تعالى " اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه "
3. أن يقبل توبته اذا اذنب وتاب فأناب وقد تضافرت النصوص بهذه الحقيقه قال تعالى " الم يعلموا ان الله هو يقبل النوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم " مع مراعاة شروط التوبه
4. ان يوقن بوعد الله ونعيمه الذي اعده الله لعباده الصالحين المستقيمين على طاعته وشرعه قال تعالى " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره "
5. ان يوقن بحسن لقاء الله وستره وتجاوزه عنه وهو في سياق موته قال النبي عليه الصلاة والسلام " لا يموتن احدكم الا وهو يحسن الظن بالله " رواه مسلم
وقال ابن عباس " اذا رأيتم الرجل قد نزل به الموت فبشروه حنى يلقى ربه وهو محسن الظن بالله تعالى وان كان حيا فخوفوه بربه واذكروا له شدة عقابه "
6. عند نزول البلاء وضيق الحال وهذا من اكثر ما نحتاج اليه ف وقتنا هذا ف زمن السخط وعدم الصبر على قضاء الله وقدره مع اختلاف البلاء
فقال بعض السلف " استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله عزوجل في كشفها فإن ذلك اقرب بك الى الفرج "

وحسن الظن يكون صحيحا مقبولا من المؤمن اذا كان العبد منيبا الى الله مقبلا على طاعته محسنا الى في عمله اما اذا كان العبد مسيئا في عمله متجاوزا لحدود الله في سائر حاله فهذا سيء الظن بالله وان تظاهر بحسن الظن لان حسن الظن يحمل على حسن العمل وسوء الظن يحمل على سوء العمل قال الحسن البصري " ان المؤمن احسن الظن بربه فأحسن العمل وان الفاجر اساء الظن بربه فأساء العمل "
ولهذا جاء ف الخبر " حسن الظن من حسن العباده " رواه احمد
وكل هذا مقدمة لامثلة عديده في تاريخنا الاسلامي تضرب اروع القصص في التوكل على الله تعالى وحسن الظن به ما يكون لنا فيها الاسوة الحسنه والبلسم الشافي لامراض اصابتنا امة وافرادا الا من رحم الله ومن اصحاب هذه القصص انبياء الله :

1/خير الانام عليه الصلاة والسلام
ابتهج وتمتع واحسن وتشجع حين تنظر الى القائد الاعظم والقدوة الحسنه الكبرى وكيف يحسن للظن بالله تعالى ويعطي الصديق رضي الله تعال عنه درسا حيا بليغا في ذلك وهو لنا من بعده ذلك حين اختفيا عن الكفار في الغار فعن ابي بكر رضي الله عنه قال " قلت للنبي صل الله عليه وسلم وانا ف الغار لو ان احدهم نظر تحت قدميه لابصرنا فقال ' ماظنك يا ابابكر  باثنين الله ثالثهما " رواه البخاري برقم 3453 ومسلم برقم 2381 في صحيحهما ...فكان ظنه في محله ومستواه فحفظه الله وانجاه فهي لهما ولنا من بعدهما ولكل شرط جوابه .. ووصف سبحانه وتعالى هذا الموقف في كتابه فقال تعالى " إلا تنصروه فقد نصره الله إذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما ف الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم "

2/ موسى الكليم عليه الصلاة والسلام
ويمثل حسن الظن بالله هنا في رد موسى عليه السلام على قومه لما خافوا ادراك فرعون لهم قال تعالى " فلما تراءى الجمعان قال اصحاب موسى انا لمدركون * قال كلا ان معب ربي سيهدين * فأوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وازلفنا ثم الاخرين * وانجينا موسى ومن معه اجمعين * ثم اغرقنا الاخرين "
معذرون هم القائلون " انا لمدركون " لكن كليم الله عليه السلام مملوء القلب ثقة بالله وحسن الظن به وتصديقا بوعده لذلك انطلق يزجرهم عن قوله هذا بقوله " كلا " وعلة ذلك واضحة " ان معي ربي سيهدين " فان الشعور بمعية الله لعباده فكانت النتيجة ايضا فوريه حاسمه فقوله تعالى " فاوحينا " وكان الحل والهداية في الوحي وكان الضرب فانفلاق البحر وتقريب فرعون من مصرعه فموسى عليه السلام وقومه نجاهم الله جميعا وغرق فرعون وجنوده وكان لموسى عليه الصلاة والسلام من الخير بحسب ظنه بربه .

3/ نبي الله ابراهيم عليه السلام
وحياة نبي الله ابراهيم عليه السلام مليئه بالامثله على ذلك الشيء الكبير مثله مثل سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وسيدنا موسى عليه السلام وجميع التاريخ الاسلامي
ولكن نستعير من حياته موقفين فقط كمثال وليس للحصر نبين من خلالهم حسن ظنه واسرته المؤمنه بربهم

فأولا : يقين ابراهيم عليه السلام في الله تعالى وحسن ظنه بربه جعله يترك حليلته المنجب وفلذة كبده في عراء من صحراء لا إنس فيها ولا ماء فراشهما الارض ولحافهما السماء لأن الله تعالى امره بذلك فقط وتيقن انه الخير فسلم امره لله فكان عاقبة تنفيذ الامر خيرا في دنيا الناس الى قيام الساعه تهوى اليه الافئده وتجبى اليه الثمرات وتستقبله الجباه المؤمنه توحد الله بالسجود
ويأتي دور السيده هاجر رحمها الله في حسن ظنها بربها وقولها لزوجها ونبيها ابراهيم عليه السلام عندما تركها في ذلك المكان " آلله امرك بهذا ؟ فقال: نعم فقالت: إذن لايضيعنا " وفي روايه صحيحه " يا ابراهيم الى من تركتنا فقال : الى الله فقالت : رضيت بالله "
وهنا كان بالفرج والمعيه والتأييد وخلد سبحانه وتعالى القصه تذكيرا باصحابها وتنويها بشأنهم بل جعلها سببا لعبادة السعي بين الصفا والمروه سبعه كما سعت هاجر بحثا عن الغوث

ثانيا: عندما رأى سيدنا ابراهيم في المنام ان يذبح ولده اسماعيل وكلنا نعرف ان حلم الانبياء وحي من الله تعالى
 فقال تعالى في كتابه " فلما بلغ السعي قال يا بني إني ارى في المنام أني اذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين * فلما اسلما وتله للجبين * ونـٰدينه ان يا ابراهيم * قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزي المحسنين * ان هذا لهو البلــٰؤ المبين * وفديناه بذبح عظيم "
وهنا يضرب سيدنا ابراهيم وابنه سيدنا اسماعيل اروع الامثله في حسن الظن بالله وتنفيذ اوامره ان يذبح اب ابنه بيده وان يوافق الولد على هذا الامر بدون مجادله او هروب من امر الله ولكن قال " يا ابت افعل ما تؤمر " بدون تفكير او نقاش لعلمه ان كل ما يدبر للعباد هو خير من رب العباد ولصحة قلبه المؤمن المليء بحسن الظن بالله .

ومن أعظم ما يعين المؤمن على حسن الظن بربه معرفته بواسع رحمة الله وكرمه وجوده وعظيم احسانه بالخلق مهما اذنبوا وقصدوا في طاعته كما قال الرسول صل الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه " يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا آبالي " رواه الترمذي مع مراعاة شروط صحة التوبه
وينبغي على المؤمن ان يعمل بأسباب الرحمه والاحسان والاستكثار من العمل الصالح والبعد عن معصيته واسباب مقته وليكن وثوقه بحسن ظنه اعظم من الوثوق بحسن عمله لان سيقدم على رب كريم رحيم ودود بعباده واسع العطاء عظيم الصفح والتجاوز رحمته سبقت عذابه ورضاه سبق سخطه ...
قال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه " والله الذي لا اله غيره ما اعطى عبد مؤمن شيئا خير من حسن الظن بالله ولا يحسن عبد الظن بالله عزوجل الا اعطاه الله ظنه "

وأختم مقالي قائلا :
اقسم برب العرش العظيم أقسم غير حانث ان الله تعالى لناصر هذه الامه ولو بعد حين بل انا لنراه حينا قريبا ظن في الله وثيق وانما علينا ان نسعى ان نكون ادوات في هذا النصر لنال الشرف والاجر وليس لنا رب غير الله ولكن لله عباد غيرنا